الخميس، 12 مارس 2009

إن مع العسر يسرا

لا أعرف حقيقةً من أين أو كيف أبدأ كلماتي؟ لأنها قليلة تلك الشدائد التي يحار فيها قلمي عن الوصف، ونادرة تلك هي المحن التي يخونني فيها التعبير فأغدو بلا كلمات، عاجزٌ فيها عن الشكوى، أحمل فيها قلبٌاً بلا مأوى، وفكراً صريعاً، كأنما يتخبط من مس أصابه. يبس اليوم ورقي، وجفت الأحبار، وتخشبت الأنامل، وتوقفت النبضات، لتبدأ الحيرة، أين أنا؟ ميتٌ أو حي؟!!
هذا هو الهم، وهذا الوصف هو ما فـلت من عين الرقيب ليحكي شيئاً من الحال، ويصور ساعة المحنة، وحين هبوب العاصفة، ولحظة انحناء الجبال.

أعلم أني مررت بتجارب شديدة في حياتي تقبع كلها اليوم في خزانة الذكرى التي لا تعود إلا بإذن الله، ماتت، وانتهت، دفنت وأتى عليها الأجل. تعلمت منها الكثير والكثير واستفدت من بعضها أكثر من الآلام التي رافقتها والأوجاع التي صاحبتها. وإن كنت اليوم أمر بواحدة لاذعة في المرارة، قد جرح قيدها يديّ، وعصر همها قلبي، وأذهب غمها ابتسامتي، إلا أنها إلى زوال لا محالة، وغمتها إلى انقشاع بكل تأكيد، حتى وإن طال ظلام ليلها وأحلك، واشتد حر يومها فأوجع. إني أعلم أن هذا هو حال الدنيا، كدر يعقبه أمل، وفرح يلحقه ترح، لم تدم لأحد، ولم تبتسم دوماً لمن هو أعز وأرفع مني، فكيف بحالي، دائم الزلات والعثرات، كثير الخطأ والعصيان، قليل الرجوع والإنابة، فإلى الله المشتكى من كل ضائقة أحنى ثـقلها ظهري، ولطم همّها وجهي، وعليه التكلان فهو حسبي ونعم الوكيل. إليه ملاذي ومآلي، فهو عالمٌ بما نفسي من غم، مطلعٌ على ما في صدري من هم، فإنه قائل في كتابه العزيز: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) فلن يغلب العسر يسرين، لن يغلب العسر يسرين..


تلك كلماتٌ ضاق بها صدري فألقى بها إلى قلمي، فثقل الدفتر وتطايرت أوراقه بحثاً عن رشفة ماء، أو نسمة هواء..



ليست هناك تعليقات: